احتجاج مهاجرين مغاربة بخريبكة من مشروع سكني “متعثر”
تعيش مجموعة من الوداديات السكنية بمدينة خريبكة، في السنوات القليلة الماضية، جملة مشاكل متشابهة من حيث حرمان منخرطيها من الاستفادة من حقهم في الحصول على بقع أرضية أو شقق سكنية مقابل المبالغ المالية التي دفعوها لتحقيق حلمهم في امتلاك ما يطلق عليه اسم “قبر الحياة”.
ومن بين المشاريع التي لم يُكتب لها النجاح بمدينة خريبكة ودادية سكنية تُسمى “البشرى”، والتي انخرط فيها عددٌ كبيرٌ من أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج قبل أن يجدوا أنفسهم في دوامة من المشاكل مع رئيس المكتب المسيّر وأمين المال ويدخلوا نفق الخلافات والاحتجاجات. وفي نهاية المطاف، وصل الملف المتعلق بالودادية إلى ردهات المحاكم منذ سنوات، ولم يخرج الجميع بأي نتائج تذكر إلى حدود اليوم.
استثمار بطعم المشاكل
وعن حيثيات ملف ودادية البشرى السكنية، أوضح الجيلالي الباز، أحد المنخرطين الذين لم يتمكنوا من تسلم بقعهم الأرضية، أن عددا من المهاجرين انخرطوا ابتداء من سنة 2004 في المشروع من أجل استثمار أموالهم في وطنهم، واضعين ثقتهم في كل من رئيس الودادية الذي كان يعمل حينها موظفا في مقر عمالة خريبكة، وأمين المال الذي ما زال يزاول وظيفته في الإدارة ذاتها إلى حدود الساعة.
وأضاف الباز أن “المنخرطين حصلوا على وعود من مكتب الودادية، على أساس أن يتم تسليم البقع إلى أصحابها بعد ثلاث سنوات على أبعد تقدير؛ غير أن فترة الانتظار طالت، إلى أن جرى عقد جمع عام سنة 2011، طولب خلاله المنخرطون بالالتزام أكثر، ما مكّن المكتب من تحصيل نصف مليار سنتيم إضافي، دون أن يظهر للأموال أي أثر على الأرض التي لا تزال عارية ومسرحا للمواشي”، حسب تعبيره.
وأورد المتحدث، الذي أدلى لهسبريس بمجموعة من الوثائق المعززة لدفوعاته، أن “المنخرطين اكتشفوا أن أمين المال والرئيس يتاجران بأموال الودادية، حيث اشترى الرئيس سنة 2006 باسم ودادية البشرى فندقا بمبلغ 800 مليون سنتيم بمركب الفردوس الواقع وسط مدينة خريبكة، وفي السنة الموالية تعاقد مع مقاول من أجل بناء الفندق بتكلفة مالية قُدّرت بـ275 مليون سنتيم، باسم الودادية مرة أخرى”.
احتجاج بدون نتائج
وعن ردّ فعل المتضررين، أشار الباز إلى أن المعنيين بالأمر شكّلوا لجنة للمواكبة والتتبع؛ وهي التي عملت، ابتداء من سنة 2012، على مراسلة الديوان الملكي وكل من رئيس الحكومة والوزير المكلف بالمغاربة المقيمين بالخارج ووزير الداخلية ووزير العدل وعامل الإقليم، من أجل مطالبتهم بالتدخل، كل حسب اختصاصه، من أجل إنصاف المنخرطين ومعاقبة المتورطين في ما يُسمونها عمليات نصب واحتيال.
وأضاف المتحدث أن مكتب الودادية يتوفر على حساب بنكي واحد، في حين تضمّ الودادية ثمانية أشطر؛ من بينها شطر الزيتون الذي انخرط فيه 345 شخصا، ما دفع بعضهم إلى وضع شكاية أمام وكيل الملك لدى ابتدائية خريبكة، ضد رئيس الودادية وأمين مالها.
واستطرد الجيلالي الباز أن مدّة التقاضي طالت بشكل غريب وغير مفهوم؛ وهو ما دفع المتضررين إلى تنظيم أشكال احتجاجية أمام المحكمة الابتدائية وأمام مقر عمالة خريبكة ومقر الجهة ببني ملال، دون أن تلقى مطالبهم أية آذان صاغية إلى حدود اليوم.
وبعد أن أكّد الجيلالي الباز، في تصريح لهسبريس، أن أمواله وأموال زملائه المهاجرين ضاعت في ودادية البشرى؛ طالب المتحدث، نيابة عن باقي المنخرطين الراغبين في امتلاك بقعهم الأرضية، بضرورة “تدخل الملك محمد السادس في الملف، من أجل الدفاع عن المظلومين عامة، والجالية المغربية المقيمة بالخارج بشكل خاص، بإحقاق الحق وإنصاف المتضررين ومعاقبة المتورطين مهما كانت مناصبهم”، حسب تصريحه.
ردّ رئيس الودادية
من جانبه، أوضح نور الدين العرشي، رئيس ودادية البشرى، أن الودادية تضم مجموعة من الأشطر؛ من بينها الرياض والفردوس والنور، في الوقت الذي تم فيه تقسيم شطر الزيتون إلى جزأين، أحدها مرخّص والثاني في طور الترخيص؛ غير أن سبب تأخر تسليم البقع الأرضية إلى أصحابها مرتبط بتصميم التهيئة، حيث وصلت مدّة انتظاره إلى حوالي خمس سنوات، دون أن يخرج التصميم إلى حيز الوجود، وبقائه في مرحلة الإعداد إلى حدود الساعة.
وأوضح رئيس الودادية أن ملف شطري النور والزيتون وُضع رسميا سنة 2014، إلا أن الانتخابات السابقة والجارية وتأخير تصميم التهيئة كلها أسباب أربكت مختلف الحسابات، في حين لا تزال أموال المنخرطين والعقارات مُحتفظٌ بها، حسب الأشطر والعقارات.
كما أكد المتحدث في الوقت ذاته أن الودادية لم يسبق أن استثمرت أموالها في غير ما أنشئت لأجله، ولم تشتر أي فندق؛ بل اقتنت عمارة مثل باقي العمارات السكنية والمكاتب.
وأضاف نور الدين العرشي، في تصريح لهسبريس، أنه كان من الضروري خلال الفترة التي بدأت فيها تسوية ملف مجمع الفردوس أن يتم تخصيص البقعة الأرضية موضوع الشكاية لبناء فندق، مشيرا إلى أن بعض المندسين في الودادية يحاولون التشويش على المشروع؛ فقد عملوا مباشرة بعد انعقاد جمع عام سنة 2011 على ربط الاتصال بباقي المنخرطين، من أجل تخويفهم وعرقلة عمل مكتب الودادية، وفق تصريحه.
وبعد أن أشار رئيس ودادية البشرى إلى أن الخبرة العقارية والمالية ستُوضح جميع حيثيات الملف، ختم المتحدث تصريحه لهسبريس بالتأكيد على أن إنشاء حساب بنكي وحيد لجميع أشطر الودادية تمّ بناء على رغبة المنخرطين؛ على اعتبار أنّ حسابا بنكيا واحدا من شأنه المساهمة في المحافظة على أموال الودادية، عوض تشتيتها في مجموعة من الحسابات البنكية.
هسبريس
Enter the text or HTML code here